اليوغا أم البيلاتس.. أيهما أفضل لصحتك؟
في عالم اللياقة البدنية المتنوع، تبرز تمارين البيلاتس واليوغا كخيارين شائعين بين المشاهير والمؤثرين، نظرًا لما تقدمانه من فوائد متعددة للجسم والعقل دون إرهاق أو ضغط زائد على المفاصل.
لكن بالرغم من تشابهها الظاهري في الحركات الهادئة والتركيز، إلا أن لكل منهما فلسفة فريدة وأهداف متميزة. فكيف يمكنك تحديد الأنسب لكِ؟
في هذا المقال، نقدم لك مقارنة واضحة تساعدك في اختيار التمرين الذي يتناسب مع احتياجاتك ونمط حياتك.
ما هي البيلاتس؟
تُعتبر تمارين البيلاتس من التمارين ذات التأثير المنخفض، التي تركز على تقوية عضلات الجذع (Core) وتحسين التوازن العضلي. يمكن ممارستها إما على الأرض باستخدام بساط، أو بواسطة جهاز خاص يُعرف باسم “Reformer”. وقد أسس هذا النوع من التمارين الألماني جوزيف بيلاتس، الذي صممها بهدف تنشيط الجسم من خلال حركات دقيقة وبطيئة. تُظهر تمارين البيلاتس فعالية في تعزيز القوة العضلية من خلال الاستفادة من وزن الجسم كمصدر للمقاومة.
وفيما يخص الفوائد الصحية، تشير الدكتورة ميليسا ليبر، مديرة قسم الطب الرياضي في قسم الطوارئ بنظام “ماونت سيناي” الصحي، إلى أن للبيلاتس فوائد صحية كبيرة، حيث تُعتبر من التمارين التي تعمل على تقوية العضلات عبر استخدام وزن الجسم كمصدر للمقاومة. وهذا يساعد في الوقاية من الإصابات ويساهم أيضًا في إعادة تأهيل الإصابات المزمنة. وبفضل كونها تمارين منخفضة التأثير، فهي مفيدة جدًا للمفاصل.
على الرغم من إمكانية ممارسة البيلاتس بشكل فردي في المنزل، تؤكد ليبر على أهمية وجود مدرب مختص لضمان أداء الحركات بشكل صحيح. الأداء السليم يساهم في تحقيق نتائج أفضل ويقلل من احتمالية الإصابة.
تمارين البيلاتس قابلة للتعديل لتناسب الاحتياجات الجسدية المختلفة، لذا يُنصح من يعانون من آلام الظهر أو إصابات في عضلات الجذع باتباع نهج معدل مع مساعدة مدرب محترف. تختلف النتائج من شخص لآخر بناءً على انتظام الممارسة، ولكن ليبر تشير إلى أن الوصول إلى قوة حقيقية في الجذع قد يتطلب الالتزام لمدة تصل إلى عام كامل. الثبات والتدرج هما المفتاح لتحقيق النتائج المرجوة.
ما هي اليوغا؟
اليوغا، التي تستمد اسمها من الكلمة السنسكريتية “يُوجا” والتي تعني “الاتحاد”، تتجاوز كونها مجرد نشاط بدني. إنها ممارسة شاملة تهدف إلى تحقيق التوازن بين الجسم والعقل والروح، وقد نشأت في الهند كوسيلة لاستكشاف الذات وتعزيز الوعي.
وفقًا لخبيرة اليوغا سودها نير، تعتبر اليوغا أسلوبًا متكاملاً يجمع بين وضعيات الجسم (الأسانا)، وتقنيات التنفس (براناياما)، وممارسة التأمل؛ مما يساهم بشكل إيجابي في تحسين الصحة النفسية والبدنية معًا.
فوائد تتجاوز اللياقة الجسدية
تُشير الدراسات إلى أن ممارسة اليوغا بانتظام تساعد في تقليل التوتر، تحسين نوعية النوم، زيادة التركيز، وتحقيق حالة من الصفاء الذهني. كما توضح نير أن بعض الأوضاع تساهم في تقليل الالتهابات، تنشيط الدورة الدموية، خفض ضغط الدم، وتعزيز الجهاز المناعي.
ولا تقتصر الفوائد على الجوانب النفسية فقط، بل تشمل أيضًا مرونة الجسم، تقوية العضلات، زيادة القدرة على التحمل، وتحسين التوازن. وتضيف نير: اليوغا تُخفف من سرعة الحياة، وتوفر لك لحظة حقيقية مع نفسك، بعيدًا عن صخب الحياة اليومية.
أنواع اليوغا
على مر الزمن، شهدت اليوغا تطورًا ملحوظًا، حيث انبثقت منها أنماط متعددة تناسب جميع المستويات، بدءًا من المبتدئين وحتى المحترفين. ومن أبرز هذه الأنماط: هاتا يوغا (Hatha Yoga): تركز على الأساسيات من الوضعيات، تقنيات التنفس، والاسترخاء. فينياسا يوغا (Vinyasa Yoga): نمط حركي يربط بين التنفس والحركة بسلاسة. أشتانغا يوغا (Ashtanga Yoga): أسلوب مكثف يتبع سلسلة محددة من الوضعيات. آينغار يوغا (Iyengar Yoga): تركز على الدقة في المحاذاة مع استخدام أدوات مثل الكتل والأحزمة. بيكرام يوغا (Bikram Yoga): تُمارس في بيئة دافئة وتشتمل على 26 وضعية ثابتة. كونداليني يوغا (Kundalini Yoga): تهدف إلى تحرير الطاقة الداخلية وتنشيط الشاكرات. ريستوراتيف يوغا (Restorative Yoga): تركز على الاسترخاء العميق باستخدام وضعيات مدعومة. يين يوغا (Yin Yoga): تستهدف الأنسجة العميقة من خلال الاحتفاظ بالوضعيات لفترات أطول.
هل تناسب اليوغا الجميع؟ بشكل عام، تعتبر اليوغا آمنة للجميع. ومع ذلك، يُفضل ممارستها تحت إشراف مختص، خاصة لأولئك الذين يعانون من مشاكل صحية، أو إصابات، أو كبار السن، أو النساء الحوامل، حيث قد تحتاج بعض الوضعيات إلى تعديلات. وتعتمد نتائج الممارسة على عدة عوامل، منها الانتظام في الممارسة، والهدف المنشود، واللياقة البدنية للمتدرب.
الفرق بين اليوغا والبيلاتس
يكمن الاختلاف الأساسي في كيفية الأداء والتركيز. فتمارين البيلاتس تتميز بالسرعة وتركز على تعزيز القوة الجسدية والتحكم في العضلات، بينما تتسم اليوغا بالبطء، مما يسمح بالاحتفاظ بالوضعيات لفترات أطول وتعزيز التواصل بين الجسم والعقل.
هناك فارق آخر يظهر في العلاقة بين العقل والجسد؛ حيث تدمج اليوغا التأمل والروحانية لتعزيز الصحة النفسية، بينما تركز البيلاتس بشكل أكبر على الأداء البدني والتحكم العضلي. وعلى الرغم من أن كلا النوعين من التمارين يتطلبان جهدًا وصبرًا، إلا أن الدكتورة ليبر تلاحظ أن المبتدئين قد يجدون اليوغا أكثر سهولة كبداية، حيث تعتمد البيلاتس بشكل كبير على قوة الجذع.
إذا كنتِ في بداية مشواركِ الرياضي، قد تكون اليوغا خيارًا أكثر سلاسة، خصوصًا أن البيلاتس تحتاج إلى مستوى معين من القوة الأساسية. من جهة أخرى، يمكن أن تقدم البيلاتس نتائج أسرع بفضل وتيرتها وحركاتها المتكررة.
ومع ذلك، يبقى الالتزام والممارسة المنتظمة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر هو العنصر الحاسم لتحقيق الفوائد المرجوة من كلا التمرينين. لا يوجد جواب واحد يناسب الجميع. إذا كنتِ تبحثين عن تمرين يُحفّز جسدك ويقوي عضلاتكِ بعمق، فقد تجدين البيلاتس مناسبة لكِ. أما إذا كان هدفكِ هو تهدئة ذهنكِ واستعادة التوازن النفسي، فستجدين اليوغا خيارًا رائعًا.
بغض النظر عن الخيار الذي تختارينه، تظل الاستمرارية هي العامل الأهم. تقول الدكتورة ليبر: اختاري التمرين الذي يحفزك على الالتزام، سواء من خلال مدرب مُلهم أو مجتمع داعم، فالمثابرة هي ما يحقق التغيير الفعلي.